ترمب يؤكد: ماسك لا يفعل شيئاً دون موافقتيhttps://aawsatnews.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9%E2%80%8B/5108484-%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%A8-%D9%8A%D8%A4%D9%83%D8%AF-%D9%85%D8%A7%D8%B3%D9%83-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D9%81%D8%B9%D9%84-%D8%B4%D9%8A%D8%A6%D8%A7%D9%8B-%D8%AF%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%81%D9%82%D8%AA%D9%8A
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يسار) يتحدث مع الملياردير إيلون ماسك (رويترز)
واشنطن:«الشرق الأوسط»
TT
واشنطن:«الشرق الأوسط»
TT
ترمب يؤكد: ماسك لا يفعل شيئاً دون موافقتي
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يسار) يتحدث مع الملياردير إيلون ماسك (رويترز)
كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن إيلون ماسك لا يستطيع أن يفعل أي شيء دون موافقته، في محاولة واضحة لكبح جماح الملياردير الذي عيّنه لتقليص الإنفاقات الحكومية.
وأبلغ الرئيس الصحافيين أن ماسك لا يستطيع خفض الإنفاق الفيدرالي دون موافقته، بعد اتهام مؤسس شركة «تسلا» بانتهاك الدستور في مساعيه لتقليص حجم الحكومة الأميركية، وفقاً لصحيفة «التلغراف».
أثار مالك شركة «إكس» ورئيس قسم كفاءة الحكومة المعين حديثاً (دوج) غضباً بعد تعهده بإلغاء الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAid)، والتي أدانها بوصفها «منظمة إجرامية».
ومُنح ممثلون من وكالة ماسك حق الوصول إلى أنظمة الخزانة الآمنة خلال عطلة نهاية الأسبوع، ما أثار مخاوف من أنه قد يخفض المدفوعات لبرامج الدولة مثل «Medicaid»، التي توفر الرعاية الصحية لملايين الأميركيين من ذوي الدخل المنخفض.
دفعت هذه الخطوة المشرعين الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ إلى كتابة رسالة إلى ماركو روبيو، وزير الخارجية، حول «مخاوف عميقة» بشأن وصول قسم ماسك إلى معلومات سرية، وتعريض الأمن القومي للخطر.
متظاهرون يحملون لافتات حيث تم إغلاق مبنى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أمام الموظفين (رويترز)
«يقدم تقاريره»
عندما سُئل عما إذا كان ماسك سيتمكن من الوصول إلى أنظمة محددة، قال ترمب: «إنه لا يستطيع الوصول إلا إلى الأشخاص الذين يعتقد أنهم ليسوا جيدين، إذا اتفقنا معه، وهذا فقط إذا اتفقنا معه. سنمنحه الموافقة عندما يكون ذلك مناسباً، وعندما لا يكون مناسباً، فلن نفعل ذلك. لكنه يقدم تقاريره، وهذا شيء يشعر به بقوة».
وأضاف الرئيس: «إذا كان هناك صراع، فلن نسمح له بالاقتراب».
كان من المفترض في البداية أن تكون «دوج» لجنة استشارية، ولكن تم إنشاؤها منذ ذلك الحين للعمل ضمن السلطة التنفيذية، بعد أمر وقَّعه ترمب بعد وقت قصير من توليه منصبه.
لا تزال كثير من الأمور حول الوكالة غامضة، بما في ذلك كيفية عملها جنباً إلى جنب مع الهيئات القائمة ومن يعمل لصالحها. تشير التقارير إلى أن ماسك وظف سلسلة من الخريجين الجدد، واحد منهم على الأقل لا يزال مراهقاً، لتنفيذ مهمته في التخلص من هدر الحكومة.
خطط لإغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية
اشتعلت التوترات، يوم الاثنين، بعد أن قال ماسك إنه يعمل مع الرئيس لإغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية كجزء من جهوده لخفض الإنفاق الفيدرالي بمقدار تريليون دولار بداية من العام المقبل.
وأوضح ماسك «لقد أصبح من الواضح أنها ليست تفاحة بها دودة... ما لدينا هو مجرد كرة من الديدان. عليك التخلص من كل شيء. إنه أمر لا يمكن إصلاحه. سيتم إغلاقها».
وقد تم وضع مسؤولي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في إجازة خلال عطلة نهاية الأسبوع لرفضهم تسليم معلومات سرية لفريق التفتيش الحكومي لماسك، وفي يوم الاثنين، تم توجيه موظفي الوكالة بعدم دخول مقرها الرئيسي في واشنطن العاصمة.
وفي خضم الفوضى، حاول الديمقراطيون في الكونغرس دخول مبنى الوكالة للتحدث إلى الموظفين حول التغييرات ولكن تم منعهم من ذلك عند الباب.
وفي الوقت نفسه، أعلن روبيو أنه تولى منصب القائم بأعمال مدير الوكالة، بعد تسريح الآلاف من موظفيها وإغلاق البرامج.
كشف رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي أنه جدد لنائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس مطالبته واشنطن بضرورة إتمام الانسحاب الإسرائيلي.
دونالد ترمب بين «مبدأ مونرو» وواقع «الملعب العالمي»
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
قبل قرنين من الزمن، كانت الثورات ضد الحكم الاستعماري الإسباني تهز أميركا اللاتينية، وتُدني دولها من الاستقلال. وفي ظل هذا الاضطراب الواسع، أعرب الرئيس الأميركي الخامس، جيمس مونرو، عن قلقه من أن تستغل القوى الأوروبية الفراغ المُحتمل في منطقتي أميركا الوسطى والجنوبية؛ لذا، وجَّه رسالة إلى الكونغرس في 2 ديسمبر (كانون الأول) 1823، دعا فيها إلى ضرورة ضمان استقلال دول النصف الغربي من الكرة الأرضية من أي تدخل أوروبي، مع احترام الوضع القائم للمستعمرات الأوروبية في تلك المناطق. وقال في الرسالة التي عُرفت بعد عام 1850 بـ«مبدأ مونرو»، أو «عقيدة مونرو»: «يجب أن نعد أي محاولة من جانبهم (يقصد الأوروبيين) لتوسيع نظامهم إلى أي جزء من هذا الشطر من الكرة الأرضية بمثابة خطر على سلامنا وأمننا».
ومع تنامي قوة الولايات المتحدة، استعانت الإدارات المتعاقبة بهذه العقيدة سلاحاً هجومياً بدل الاكتفاء بها درعاً دفاعية. ففي عام 1845، استحضرها الرئيس الأميركي الحادي عشر جيمس ك. بولك لضمّ ولاية تكساس. وفي العام التالي، أعاد الكرّة لتبرير حرب مع المكسيك انتهت بوضع كاليفورنيا وجنوب الغرب الأميركي تحت سيادة الولايات المتحدة. وفي 1867، استعان الرئيس السابع عشر، أندرو جونسون، بالمبدأ نفسه لشراء ألاسكا.
الرئيس الأميركي الثامن والعشرون، وودرو ويلسون، روَّج لعصبة الأمم بوصفها منظمة دولية، تضمن السلام بعد الحرب العالمية الأولى، متكئاً على جزئية من «مبدأ مونرو» تتعلق بالأمن الشامل، وقال: «على الدول أن تتبنّى بالإجماع مبدأ الرئيس مونرو، بوصفه مبدأ العالم: وهو أنه لا يجوز لأي دولة أن تسعى إلى توسيع نطاق سياستها، لتشمل أي دولة أو شعب آخر».
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يتحدث في مؤتمر اقتصادي استضافته تورونتو (أ.ب)
ترمب والواقع الجديد
استغرب كثر ما قاله الرئيس العائد دونالد ترمب عن غرينلاند وكندا وبنما وخليج المكسيك (قرر تغيير اسمه إلى خليج أميركا) وسوى ذلك. إلا أن موقف الملياردير الجمهوري ليس سوى تجسيد لتطوّر نفوذ بلاده في القرنين اللذين مرّا منذ كلام جيمس مونرو. فالولايات المتحدة هي القوة العظمى التي تتسيّد الساحة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، وترمب لا يتردد في المجاهرة بأنّ من «حق» القوة الكبرى أن تُحقق مصالحها بمعزل عن موقف الخصم أو الصديق، لا فرق.
هكذا رأيناه يُكرر موقفاً أطلقه في ولايته الأولى، وإن بهجومية أكثر هذه المرة، عن حاجة الولايات المتحدة إلى جزيرة غرينلاند. كما أعرب عن الرغبة في جعل كندا ولاية أميركية، وضرورة «استعادة» قناة بنما، ناهيك بأنه علّق رسوماً جمركية جديدة على جارته الشمالية كندا وجارته الجنوبية المكسيك لمدة شهر، علماً بأنه أرغمهما في ولايته الأولى على تعديل الاتفاق التجاري الثلاثي «نافتا» لمصلحة بلاده بعد مفاوضات شائكة.
وإذا كان البعض يعتقد أن كلام ترمب عن ضم كندا نوعٌ من الترهيب هدفه اقتصادي، فإن رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، أكد أن مقترح الرئيس الأميركي لجعل بلاده الولاية الأميركية الـ51 يُمثل تهديداً يجب أن يؤخذ على محمل الجد.
وقال السياسي الذي سيترك منصبه قريباً، في كلمة ألقاها خلال مؤتمر اقتصادي في تورونتو: «يريد (ترمب) ضم بلدنا، وهذا واقع (...). إدارة ترمب تعرف مقدار المعادن المهمة التي نمتلكها، لا بل هذا هو سبب استمراره في الحديث عن ضمّنا... إنهم يدركون تماماً حجم مواردنا (الطبيعية)، وما لدينا، ويريدون حقّاً أن يتمكنوا من الاستفادة منها».
أما فيما يخص قناة بنما، فالمسألة تتصل بالصين... لا توجد قوات صينية في القناة، كما ادّعى ترمب، وليس هناك وجود صيني داخل القناة نفسها. لكن الصين تُسيطر على أكبر المواني على طرفي القناة، عبر شركة تابعة لشركة قابضة مقرها هونغ كونغ. وبما أن الأخيرة فقدت استقلالها السياسي والمالي عن الصين في الأعوام الأخيرة بعد قمع بكين للحركة الاحتجاجية فيها، لم يعد مقبولاً للإدارة الأميركية أن يبقى هذا الممر المائي الحيوي بعيداً عن سيطرتها.
سفينة شحن تعبر قناة بنما من نقطة كولون (رويترز)
والواضح أن الضغط الأميركي أدّى إلى نتيجة ملموسة بإعلان بنما الانسحاب من مبادرة «الحزام والطريق» الصينية القائمة على مشروعات بنى تحتية، والتي تُشكل ركيزة أساسية لمحاولة الرئيس الصيني شي جينبينغ توسيع نفوذ بلاده في الخارج. ويقضي المشروع بإقامة منشآت وبنى تحتية بوصفها مرافئ وطرقاً وسكك حديد، لا سيما في الدول النامية.
وجاء قرار بنما بعد بضعة أيام من زيارة لوزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، للدولة الصغيرة -المستقرة والمتمتعة باقتصاد متين- الواقعة في أميركا الوسطى، بين كولومبيا وكوستاريكا، والمطلّة على البحر الكاريبي والمحيط الهادئ.
غرينلاند والتغيُّر المناخي
لماذا غرينلاند؟
هي جزيرة تبلغ مساحتها مليونين و166 ألف كيلومتر مربع، تقع بين المحيط المتجمد الشمالي والمحيط الأطلسي، شرق أرخبيل القطب الشمالي الكندي. وأقرب دولتين من أكبر جزيرة في العالم هما كندا وآيسلندا.
يبلغ عدد سكان غرينلاند نحو 60 ألف نسمة، ويعيش ثلثهم في العاصمة نوك. والغرينلاندية هي اللغة الرسمية في الجزيرة، التي يجيد معظم أهلها الدنماركية والإنجليزية.
وتتبع غرينلاند التاج الدنماركي منذ 14 يناير (كانون الثاني) 1814، وتتمتع باستقلال ذاتي في شؤون الإدارة الداخلية. وهي من الأقاليم ذات العضوية الخاصة في الاتحاد الأوروبي.
وبمزيد من التفصيل، كانت غرينلاند مستعمرة دنماركية حتى عام 1953، عندما أصبحت مقاطعة تابعة للدنمارك، وحصلت الجزيرة على الحكم الذاتي في 1979. ومنذ عام 2009، توسّعت الإدارة الذاتية لغرينلاند، وبقيت شؤون الأمن والدفاع تحت سيطرة الحكومة في كوبنهاغن.
لقطة جوية لقرية على الساحل الغربي لغرينلاند (رويترز)
ويرى ترمب أن «الحصول على الملكية والسيطرة» على المنطقة القطبية الشمالية الشاسعة يُشكل «ضرورة مطلقة» للولايات المتحدة. وذهب إلى القول إنه لن يستبعد استخدام القوة العسكرية لتحقيق هذا الهدف، مع الإشارة إلى أن الولايات المتحدة تملك تسهيلات عسكرية في غرينلاند، وتستخدم قاعدة «بيتوفيك» بموجب اتفاق وُقّع عام 1951.
في الواقع الجيوسياسي قد يبدو للوهلة الأولى أنه لا توجد أهمية استراتيجية لغرينلاند؛ لأن أقرب نقطة عسكرية روسية تقع على مسافة 2000 كيلومتر من الجزيرة في ذلك العالم الجليدي. أما سفينتا الأبحاث الصينيتان القادرتان على العمل في القطب الشمالي فتعملان بشكل أساسي في المياه المحيطة بالقطب الجنوبي.
إلا أن النظرة الأميركية هي أبعد من ذلك، فالاحترار المناخي المتسارع يذيب الجليد في القطبين. وفي الشمال ستنفتح حتماً ممرات بحرية كان جليدها عصيّاً على أي كاسحات مهما بلغت قوتها. وبروز ممرات بحرية جديدة يعني، حكماً، نشوء ممرات تجارية، ومن ثم سيحصل تنافس على النفوذ بين الدول القريبة من القطب الشمالي وتلك المعنية به، ومنها الدول الأعضاء في مجلس القطب الشمالي (كندا، الدنمارك، فنلندا، آيسلندا، النرويج، روسيا، السويد، الولايات المتحدة). أما الصين ودول أخرى فتملك صفة «مراقب» في هذه المنظمة التي تُشكّل منتدى تتناقش فيه الحكومات المعنية لحل أي مشكلة تطرأ في القطب الشمالي، أو تتناول الشعوب المقيمة في دائرته.
لم يكن مستغرباً أن يأتي الرد الدنماركي على كلام ترمب، بلسان رئيسة الوزراء ميته فريدريكسن، مطابقاً لردّ السيدة نفسها عام 2019: «غرينلاند ليست للبيع». والمسألة تُشكل إحراجاً للاتحاد الأوروبي الذي انضمت إليه الدنمارك عام 1973، وإحراجاً أكبر لحلف شمال الأطلسي الـ(ناتو) الذي كانت المملكة من أعضائه الاثني عشر المؤسسين عام 1949.
إذا كانت مسألة بنما سهلة الحل، أو أنها حُلّت فعلاً بابتعادها عن الصين، فإن مسألتي كندا وغرينلاند أكثر تعقيداً. ولا شك في أن المستقبل، وتحديداً سنوات ترمب الأربع في البيت الأبيض، سيحمل تطورات مثيرة للاهتمام، وربما القلق، في القضيتين.
رئيسة الوزراء الدنماركية ميته فريدريكسن (أ.ف.ب)
مبدأ مونرو!
يؤكد إصرار دونالد ترمب على التعامل مع نصف الكرة الغربي بوصفه منطقة نفوذ أميركية إحياء «مبدأ مونرو»، في إطار شعار «أميركا أولاً»، خصوصاً أن المبدأ كان قد تحوّل منذ أواخر القرن التاسع عشر إلى واقع أن النصف الغربي من الأرض هو «محمية أميركية».
وبعد حربين عالميتين، ثم حرب باردة مع الاتحاد السوفياتي، تخلّت واشنطن عن حذرها، وابتعدت عن المبدأ المذكور، لتنشر «رداء» النفوذ في أوروبا وغيرها حمايةً لها من المدّ الشيوعي.
لا يستطيع الرئيس الجمهوري حصر اهتمامه بمحاربة أي نفوذ صيني أو غير صيني في القارة الأميركية بأجزائها؛ الشمالي والأوسط والجنوبي، مع العلم بأن بعض الدول الأميركية اللاتينية لن «تُسلس» له القياد، وستتمسك بعلاقاتها الاقتصادية مع الصين تحديداً. بل سيكون عليه كسب المعركة في القارة، وخوض مواجهات في أنحاء أخرى من العالم، وإن كان يمقت مفهوم العولمة. فلكي يُحقق شعار «أميركا أولاً» يجب أن تبقى «أميركا أولى» في أرجاء الملعب العالمي.