الاغتيالات تعيد الحديث عن اختراق الموساد لـ«الحرس الثوري»

جانب من عرض عسكري لـ«الحرس الثوري» في طهران (أرشيفية - رويترز)
جانب من عرض عسكري لـ«الحرس الثوري» في طهران (أرشيفية - رويترز)
TT

الاغتيالات تعيد الحديث عن اختراق الموساد لـ«الحرس الثوري»

جانب من عرض عسكري لـ«الحرس الثوري» في طهران (أرشيفية - رويترز)
جانب من عرض عسكري لـ«الحرس الثوري» في طهران (أرشيفية - رويترز)

أعادت الاغتيالات الإسرائيلية لقياديين من «الحرس الثوري» و«حزب الله» وحركة «حماس» الحديث عن اختراق الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) لـ«الحرس».

وعُدّت عملية اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، ونائب قائد «الحرس الثوري» عباس نيلفروشان، في قصف عنيف، الجمعة الماضي، على ضاحية بيروت الجنوبية، ثمرة عملية تجسس لافتة تتوج عملاً استخباراتياً استمر عدة سنوات، وتسلط الضوء على الاختراق العميق للحزب و«الحرس الثوري».

كما أفاد تقرير لصحيفة «التلغراف» بأن «الموساد» وظّف عملاء أمن إيرانيين لزرع قنابل في ثلاث غرف منفصلة في مبنى كان يقيم فيه زعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية. وكانت الخطة الأصلية هي اغتيال هنية في مايو (أيار)، عندما حضر جنازة الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي. وقال مسؤولان إيرانيان لصحيفة «التلغراف» إن العملية لم تتم بسبب الحشود الكبيرة داخل المبنى واحتمال فشلها الكبير، وبدلاً من ذلك، قام العميلان بوضع عبوات ناسفة في ثلاث غرف في دار ضيافة «الحرس الثوري» في شمال طهران، حيث من المفترض أن يقيم هنية. ووفقاً للمصدر، فجّر العملاء العبوة الناسفة الواردة من الخارج في الغرفة التي كان يقيم فيها هنية.

وأتت عملية تفجير آلاف الأجهزة اللاسلكية التي يستخدمها «حزب الله» في لبنان لتسلط الضوء على خرق إسرائيلي محتمل للحزب و«الحرس الثوري».

وقال مسؤولان أمنيان إيرانيان كبيران لوكالة «رويترز» إن «الحرس» أمر جميع أعضائه بالتوقف عن استخدام أي أجهزة اتصال بعد تفجير لبنان. وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية الأمر، أن طهران قلقة من اختراق إسرائيلي قد يستخدم كذلك عملاء إيرانيين في الداخل يعملون لصالح إسرائيل، وبدأت بالفعل تحقيقاً شاملاً يستهدف القيادات المتوسطة والرفيعة في «الحرس الثوري».

وجعلت هذه الاستهدافات مستخدمين يعيدون تداول مقطع فيديو قديم للرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد عن تجسس مسؤول مكافحة التجسس لصالح إسرائيل.

في العقدين الماضيين، قُتل عدد من أبرز العلماء النوويين الإيرانيين. كانت هناك عمليات تخريب متعددة في المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية، لكن حتى اليوم فشلت قوات الأمن الإيرانية بشكل أساسي في منع أو القبض على المهاجمين والمتآمرين.

في العام الأخير من رئاسة نجاد عام 2013، كانت هناك شائعات بأن قادة من «الحرس الثوري» الإيراني وضباط مخابرات قد اعتُقلوا بتهمة التجسس لصالح «الموساد». لكن هذه المزاعم لم تؤكد رسمياً.

وذكرت تقارير صحافية في أبريل (نيسان) 2015 كشفت عن إعدام مسؤولين بارزين في المخابرات الإيرانية أحدهم مسؤول ملف إسرائيل في مخابرات الحرس الثوري، والثاني مسؤول ملف إسرائيل في وزارة الاطلاعات (المخابرات) الإيرانية.

وأكد نجاد أن «الموساد» قد اخترق وزارة استخباراته. وقال: «هل من الطبيعي أن يكون أكبر ضابط مسؤول عن مراقبة الجواسيس الإسرائيليين والمسؤول عن مواجهة المؤامرات الإسرائيلية في إيران هو نفسه عميلاً لإسرائيل؟».

إضافة إلى ذلك، قتل عملاء مزعومون للاستخبارات الإسرائيلية منذ عام 2007 ما لا يقل عن 5 علماء إيرانيين؛ أبرزهم بلا شك محسن فخري زاده، كبير مهندسي البرنامج النووي. قُتل فخري زادة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 عندما تعرضت سيارته لكمين قرب طهران. تردد في البداية أن مسلحين أطلقوا النار عليه، لكن تبين لاحقاً أن الاغتيال نُفِّذ برشاش محمول على سيارة نيسان، ويتم التحكم به عن بُعد.

وبحسب تقرير نشره موقع «بي بي سي»، ادعى وزير المخابرات الإيراني محمود علوي بعد العملية أنه حذر قوات الأمن قبل شهرين من وجود مؤامرة اغتيال تستهدف فخري زاده في المكان المحدد الذي أصيب فيه بالرصاص. وقال علوي إن الشخص الذي خطط لعملية القتل كان «من أفراد القوات المسلحة»، مضيفاً: «لا نستطيع تنفيذ عمليات استخباراتية ضد القوات المسلحة».

لكنه لمح بشكل غير مباشر إلى أن الجاني كان عضواً في «الحرس الثوري» الإيراني؛ الوحدة العسكرية الأكثر نخبوية في إيران. إذا كان الأمر كذلك، فيجب أن يكون المخطط في أعلى هرمية «الحرس الثوري» حتى يتمكن من تجاهل التحذير وتنفيذ الخطة في الوقت والمكان المحددين. وقالت مصادر داخل سجن «إيفين» في طهران، حيث يُحتجز المتهمون بالتجسس لصالح دول أجنبية، لـ«بي بي سي»، إن «عشرات من كبار قادة (الحرس الثوري) الإيراني محتجزون هناك». لا تنشر الحكومة الإيرانية أسماءهم ورتبهم لتجنب تشويه سمعة «الحرس الثوري».

اليوم، يشعر المسؤولون الإيرانيون السابقون بالقلق من وصول «الموساد» إلى مسؤولين رفيعي المستوى في مؤسسات الأمن والاستخبارات الإيرانية، وهو ما تجلى في سلسة الاختراقات الأخيرة لـ«الحرس» و«حزب الله».


مقالات ذات صلة

استراتيجية «حزب الله» الجديدة: تصعيد تدريجي والأولوية للقتال البري

المشرق العربي صورة عماد مغنية مرفوعة إلى جانب راجمات صواريخ لـ«حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان (أرشيفية)

استراتيجية «حزب الله» الجديدة: تصعيد تدريجي والأولوية للقتال البري

بلور «حزب الله» مؤخراً استراتيجية عسكرية جديدة لمواجهة إسرائيل في أي حرب موسعة تشنّها على لبنان، تعتمد على التوسع التدريجي في استخدام الصواريخ والقتال البري.

بولا أسطيح (بيروت)
شؤون إقليمية تصاعد النار جراء صواريخ أطلقها «حزب الله» على شمال إسرائيل (أ.ب)

«حزب الله» يستهدف كريات شمونة بالصواريخ... وإسرائيل تستهدف قادته الميدانيين

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، رصد إطلاق 40 صاروخاً من لبنان على منطقة الجليل الأعلى، في حين قال «حزب الله»، اليوم، إنه استهدف مستوطنة كريات شمونة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي نازحون داخلياً في لبنان يفترشون الطرقات في ساحة الشهداء ببيروت وسط استمرار القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)

مع نزوح 600 ألف شخص... لبنان يواجه أزمة إنسانية «كارثية»

يواجه لبنان أزمة إنسانية «كارثية» مع وصول عدد النازحين داخلياً إلى 600 ألف شخص، وفق ما حذّر مسؤولون في الأمم المتحدة، في حين تواصل إسرائيل هجومها ضد «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية دبابة إسرائيلية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)

إسرائيل تعلن اغتيال عضو بـ«حزب الله» ينشط في الجولان

قالت إسرائيل إنها قتلت عضواً في «حزب الله» في سوريا كان ينقل معلومات استخباراتية ضد إسرائيل في الجولان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رجال إنقاذ يبحثون عن ناجين في موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت مبنى سكنياً جنوب بيروت (ا.ف.ب)

مقتل 5 من عناصر الدفاع المدني اللبناني في غارة إسرائيلية على  بلدة دردغيا

أعلت وزارة الصحة اللبنانية، ليل الأربعاء/الخميس، مقتل 5 من عناصر الدفاع المدني في غارة إسرائيلية على  جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

أول صورة لسفير طهران في لبنان بعد تفجيرات «البيجر»

لحظة وصول السفير الإيراني مجتبى أماني إلى المستشفى في صورة متداولة على المواقع الإيرانية
لحظة وصول السفير الإيراني مجتبى أماني إلى المستشفى في صورة متداولة على المواقع الإيرانية
TT

أول صورة لسفير طهران في لبنان بعد تفجيرات «البيجر»

لحظة وصول السفير الإيراني مجتبى أماني إلى المستشفى في صورة متداولة على المواقع الإيرانية
لحظة وصول السفير الإيراني مجتبى أماني إلى المستشفى في صورة متداولة على المواقع الإيرانية

نشر سفير إيران لدى لبنان أول صورة له من داخل المستشفى، منذ إصابته بتفجيرات «البيجر» في بيروت، الشهر الماضي.

وكان مجتبى أماني من بين العشرات الذين تم إجلاؤهم من بيروت إلى طهران، إثر إصابتهم بتفجير أجهزة النداء.

وكتب أماني عبر صفحته على منصة «إكس»، أن محسن قمي، ممثل المرشد علي خامنئي، زاره في أحد مستشفيات طهران حيث يتلقى العلاج.

وقال أماني: «قدم هدايا ثمينة شملت خاتمين من العقيق ودعوات طيبة لي ولزوجتي». وأضاف: «حضر هذا اللقاء أيضاً الممثل الحقوقي في (فيلق القدس)، ومجموعة من الأصدقاء والزملاء في وزارة الخارجية».

صورة نشرها السفير أماني من داخل أحد مستشفيات طهران (إكس)

وظهر السفير أماني في الصورة الحديثة بجزء من وجهه، كما أخفى اليدين وبقية أجزاء جسمه، بعد أن نفت طهران إصابة عينيه، وأكدت تعرض يديه إلى تفجير جهاز البيجر الذي كان يستعمله.

وكانت طهران قد أعلنت في وقت سابق أن السفير أماني أجرى عملية جراحية صغرى في عينه، وسيعود إلى أداء عمله بعد انقضاء العلاج والنقاهة.

وقالت السفارة الإيرانية في بيروت، إن الفريق الطبي الذي أجرى العملية «الصغرى» أكد «عدم وجود مشكلة حادة في عين السفير».

وكان الرئيس الإيراني مسعود بزشكیان، قد زار مستشفى «فارابي» لطب العيون، حيث يعالج عدد من جرحى الهجوم في لبنان، فيما أعلنت إيران إجلاء 95 مصاباً مع السفير من بيروت.